الاثنين، نوفمبر 05، 2007

الطوفان

ها أنا ذا جالس على نفس الكرسى الذى اعتد ان اجلس عليه حينما أكتب.ها أنا ذا ناظر إلى ما يحدث حولى كأنى أشاهد فيلماً سنيمائيا لا نهاية له.
وها هى نفس اليدين ترتعشان من كثرة الحمل الملقى على عاتقها فى نقل ما بداخلى الى كلمات، ونقل مشاعرى الى حروف، ونقل آمالى وطموحاتى الى نقاط وفواصل.
كثيرة هى المعانى التى فقدت معناها، كثيرة هى الحياة التى توقفت عن الحياة، كثيرة هى الأمال التى فقدت أملها فى الأمل، كثيرة هى المحاولات التى تنتظر محاولة تحقيق محاولاتها.
تعلمت كثيرا من سفرى وفقدت كثير من تعاليمى، افتقدت الكثير وفُقِدَ منى أكثر، ربحت معارك وخسرت معارك لكن أين هى الحرب التى أخوضها ومع من أحارب.
لا نعرف الأشخاص على حقيقتهم حتى نقاتلهم او نراهم يتقاتلون، لكن عندما نقاتلهم ونهزمهم او نهزم منهم ونرجع الى ذكريات القتال يأتى السؤال الذى لا إجابة له. هل حقاً استحق القتال ما قاتلنا من أجله ؟
رأيت الكثير مما يمكن رؤيته ولكنى رأيت هنا ما لا يمكن رؤيته فى أى مكان آخر، رأيت الروح فى الأشياء التى لا روح لها ولم أرى أرواح للذين روح لهم.
أدركت أن إبتسامة الروح أهم وأصعب من ابتسامة الوجه، لكن إبتسامة الوجه هى مفتاح ابتسامة الروح. أدركت ان كلمة إعتذار للمخطئن فى حقى اقوى من اى سهام قد تصيبهم من إطلاقى لها فى قلوبهم.
مواجهة الصعاب اسهل كثيرا من الهروب منها، لإن وقت ضررها اقل من ضرر الهروب منها لإنه قد لا ينتهى ابداً.
قد أعود مجددا لما كنت عليه فى السابق وقد لا أعود، لكنى علمت ان لا فائدة فى إنتظار النهاية لإنها أتت بالفعل وإنتهت وإنى الآن أعيش ما بعد النهاية. فالقادم نحوى بدأ بالفعل بالتحرك.
من بين كل شجر العالم ، لدى شجرة لا تنسى
من بين كل الأشخاص الذين قابلتهم، لدى شخص لا ينسى
من بين كل القلوب التى دخلتها، لدى قلب لا ينسى
من بين كل العطور التى هزتنى رائحتها، لدى عطر لا ينسى
من بين كل العيون التى رأيتها ، لدى عينان لا تنسى
من بين كل الأوراق التى معى ، لدى ورقة لا تنسى
من بين كل الجراح بداخلى ، لدى جرح لا ينسى
ومن بين كل هؤلاء وهؤلاء غيرهم ، لدى حياة واحدة أعيشها لن أنساها.