الاثنين، يونيو 11، 2012

دستور يا سيادنا

ما أهمية الدستور للعسكر والإخوان؟
هذا السؤال له وجهان، الوجه الأول هو إرتباط المصلحة بين العسكر والأخوان او بصيغة أشمل بين ممثل السلطة والأخوان. والوجه الآخر هو علاقة التيار الدينى بالتواجد على الساحة السياسة فى مصر فى هذه المرحلة.
* مع بداية نشأة جماعة الأخوان المسلمين كجماعة تدعوا الناس الى تعاليم الإسلام للعامة، كان هذا الدور مقتصر فقط على الأزهر الشريف، وكان له طرق قليلة للوصول الى كافة الناس. ولكن الوعى لتقديرات الوضع السياسى والأمنى لم يكن بالوعى الكافى لتجنب الجماعة الصدام مع السلطة، وأصبحت جماعة الأخوان مثل أى تنظيم يشكل مصدر قلق للسلطات الحاكمة. 
هنا بدأت الجماعة وفى بداية عهد عبد الناصر فى تعلم طرق البقاء السياسى للحفاظ على علنية الجماعة وأهدافها. ولكن شئ ما حدث ( سواء من الجماعة او من عبد الناصر ) قضى على الطريقة فى البقاء فى النور. وبدأت الجماعة فى تجارب الظلام والتكييف معه. وجاء السادات وطرقه السياسية فى التعامل مع طوائف الشعب بتقوية الطوائف المضادة لها لكى يخرج هو من المواجهة. وبدأت بوادر النور من جديد فى الظهور. وجاء العصر الذهبى للأخوان المسلمين فى عهد المخلوع ....
المخلوع كان فى  حاجة فى بداية عهده الى إستقرار ظاهرى يساعده على إمساك مقاليد الأمور بقوة. فسمح لبعض منافذ الحياة أن تدخل الى جماعة الأخوان طالما هم مأتمرون بأمره فيما يتعلق بسياسته. ثم إزدات تلك المنافذ إتساعاً عندما استعان مبارك بالأخوان فى مواجهة تنظيمات الجهاد والجماعات الدينية المتطرفة. مع إنتهاء تلك الفترة كان مبارك يعلم تماما ان إستقرار حكمه فى الداخل يجب ان يكون مدعوما من الخارج بقوة. فكان الإتفاق ( سواء حدث أم لم يحدث ) بين مبارك والاخوان على أن تكون لعبة القط والفأر علنية خارجية. فنظام مبارك كان يعلم عن معظم أعضاء للجماعة تقريباً كل شئ. وكان فى إستطاعته ان يقضى عليهم جميعاً قضاء لا رجعة فيه. لكن إن حدث ذلك فكيف يبرر للغرب انه الوحيد القادر على الحفاظ على مصالحهم؟ وأن مبارك ليس كأى حاكم لمصر.. بل هو وهو وحده القادر على التصدى للإسلاميين سواء متطرفين او متوغلين فى المجتمع.
الإخوان علموا بمصدر قوتهم فى بقائهم على رأس الطاولة المضادة المعلنة ضد حسنى مبارك. وكانت لهم مكاسبهم التى ينتفعون بها، وعلى رأس تلك المكاسب السماح بالتوغل الإقتصادى فى مصر.
وجاءت الثورة من خلف السلطة ومن خلف الأخوان أيضاً. مفاوضات الأخوان مع مبارك أيام الثورة الأولى كانت غير واضحة الأهداف بشكل مباشر. فمبارك يعلم تماما ان الكتلة الحرجة فى الميدان ليسوا أخواناً ولا أى تنظيم من أى نوع يخضع لسيطرة مبارك وأجهزته، لكن الأخوان هما الجهة الوحيدة التى يمكن ان تساعده على رأب صدع شكله الخارجى الذى بدأ فى التصدع بشكل كبير. فإن صرح الأخوان بالرسائل الصحيحة التى تصب فى مصلحته فى إصابة المجتمع الدولى بالخوف على مصالحهم كان العالم سيقف متفرجا مثل سوريا. لكن الأخوان تعلموا درس عبد الناصر وقرروا ألا يساعدوا مبارك والإنتظار لمكاسب أكبر من وعود مبارك لأنه لن يستطيع أن يفى بها. فخرجت تصريحات الجماعة بأنه فى حالة تخلى مبارك عن الحكم لن يسعوا الى السلطة سواء التشريعية أو التنفيذية. وهنا لم يعد فى وسع مبارك أن يرهب الخارج بخطرهم ولا بالخطر على مصالحهم. فتوقفت المباحثات بين الأخوان ومبارك حتى خلعه.
وهنا بدأ الأخوان فى لقاء القناع الجديد على الساحة، المجلس العسكرى. فالأخوان يعلمون تماما ان المجلس ليس هو اللاعب الأساسى إنما هو قناع جديد مع بقاء اللاعبيين المحترفين فى الخفاء كما كانوا فى عهد مبارك.
وبدأت المفاوضات على أساس ترك القناع يفعل مايريد والأخوان يسعملون كأنهم من كوكب آخر. فلا حشد لمعارضة القناع ولا تصريح بمخالفة ظل الزى العسكرى. لكن فى مقابل الحصول على إمتيازات وعلنية العمل والإنفتاح الإقتصادى لتمويلهم دون مضايقة، وبالتأكيد حماية الأقنعة من خطر الملاحقة على أى جرم إقترفوه قبل وأثناء وبعد الثورة.
ولأن الأخوان حديثوا العهد باللعب مع اللاعبين المحترفين فى مصر، دخلوا إنتخابات مجلس الشعب على أنهم اللاعب القوى الوحيد المسيطر على الصناديق. لكن اللاعبين المحترفين أخرجوا من جبعتهم عصا صغيرة تدعى السلفيين. وإقتطعوا بهم من كراسى الأخوان أكثر من النصف. صدم الإخوان بالنتيجة النهائية فلا قانون يستطيع أن يمر إن تحالف السلفيين مع جزء من الباقيين. فعلم الأخوان الفخ الذى وقعوا فيه متأخرين كالعادة، فعند عودتهم للحديث مع القناع لم يجدوا شئ ممن كانوا يتوقعوا ان يجدوه. فالقناع يريد المزيد من الخدمات قبل ان يعطيهم مما يسقط على مائدته. فإتجه الأخوان صوب تولى الحكومة للضغط على القناع لتلبية إحتياجاتهم الأساسية المتمثلة فى الجزء المهم من السلطة الذى يسمح لهم بخروج مصادرهم المدفونة التى تعيش فى الظلام ولا تستطيع الخروج إلا بضمان السلطة بجانبهم.
والقانع أعطى لهم حل وسطاً ان يعطوه دستوراً يحفظ ويحافظ علي وجوده ووممتلكاته وملكه وهو يعطيكم ما تريدون. لكن الدستور لم يطهى كما أرادوا، فأراد الأخوان الضغط أكثر على المجلس فقرروا الترشح لمنصب رئيس الجمهورية لزعزة القناع. فإبتسم القناع لهم لإن اللاعبين المحترفين يملكون فى أيديهم كل مقاليد اللعبة الإنتخابية منذ أكثر من 60 عاماً فلا مجال لأحد أن ينازع إجادتهم لتلك اللعبة إلا بتنظيم لعبة جديدة بطريقة لا يعروفون للتزوير فيها سبيل.
فرجع الأخوان الأن وعلى مشارف تسليمهم الرئاسة لقناع جديد بدون تغيير أى من اللاعبين المحترفين لمحاولة طهى الدستور بما يلائم القناع أولا ثم اللاعبين المحترفين ثانياً ثم المتأسلمين ثالثاً ليستطيعوا الجلوس أسفل مائدتهم متلهفين على ما يسقط منها لهم.
تباً للقناع وللأخوان الذين لهما مصالحهم الخاصة التى تأتى على حساب كل المصريين فى كل شئ، وتباً لنا جميعا اننا تركناهم يتحكمون فى مصائرنا ومصائر أولادنا ومصير أمتنا العربية كلها.
الثورة هى الحل