الجمعة، ديسمبر 29، 2006

الخوف

ما هذا الشعور الغريب الذى يكمن خلف الأماكن المظلمة؟ لماذا دائما هذا الشعور تجاه المجهول ؟ لماذا لا نستطيع ان نفكر فى فقدان شخص عزيز لدينا ؟ لماذا عند إقتراب الإمتحانات او المقابلات الشخصية للوظائف تشعر بزيادة ضربات القلب التى تقارب الإنفجار ! لماذا حروب اقيمت على اساس هذا الشعور؟ لماذا لا تخلو الجرائم من هذا الشعور؟ إنه حقا إحساس مدمر!!!! الخوف
لكن ما هو الخوف ؟
الخوف مرتبط بعدم المعرفة، قديما كان الناس تشعر بالخوف تجاه الطائرات، لإنها تجهل ما ورائها، وتسيطر عليه فكرة انه محلق فى الهواء بقطعه حديد فهو هالك لا محالة.
عندما تواجه خطراً فأنت لا تعلم ما سيحدث، فالعقل يستعد لمواجهة ما هو مجهول. فى الإمتحانات لا تعلم ماذا ستكون النتيجة، هل ستمر بهذا الإختبار مجددا ام انه ذهب بلا عودة. هكذا يفتح الخوف أبوابه إلينا، يأتى خلال كل ما هو مجهول او كل ما تحاول ان تجهل ما وراءه.
ان تفكر فى حياتك بدون شخص قريب مثل الوالدين، تشعر بالعجز فى هذه الحياة فتتوقف عن التفكير فتدفع بنفسك الى عدم معرفة ما راء هذه الاحداث، فيتملكك الخوف من التفكير او الاقتراب من حدوث هذا.
تخيل نفسك تستطيع ان تتخيل اى موقف وماذا ستفعل حينئذ.
من منا لا يخاف الموت؟ لكن هناك من مر بتجربة موت ونجى. حادث سيارة، نوبية قلبيه، ايا كانت التجربة لكن تجد هذا الشخص لا يخاف الموت بنفس الطريقة التى عاهدها قبل هذا الحادث. لإن جزء من عامل المجهول انتهى.
تخيل ان شخص عزيز لديك مريض وقد ينتهى اجله فى وقت قريب ماذا ستفعل؟ ستحاول الفكرة جاهدة ان تخرج من عقلك، لكن إن تمسكت بها وحاولت جاهدا ان تفكر فيها، قد ينتابك إحساس انك فقده بالفعل، وقد تبدأ بالبكاء الفعلى على رحيله. عندما تشعر بشئ لم يحدث بعد وتتفاعل معه هذا يعطيك القوة ان تفكر اكثر واكثر فيما سيحدث بعد ذلك، فعند محاولة التفكير فيها مجددا ستجدك اقل إنفعالا اكثر تركيزا، مع محاولات اكثر ستجدك بلا خوف من هذه اللحظة وانك تتصرف بشكل اكثر واقعية من مجرد الشعور بالخوف والعجز عن التصرف.
المعرفه والقرأة والتخيل اهم اسلحة مواجهة الخوف من المطلق ومن ما قد يحدث فى غفلة من الزمان.
صحيح ان الخوف مشاعر إنسانية هامة لكنها تحول الانسان الى ظلال إذا تملكته. عندما نحاول ان نهزم الخوف قد ننجح لكن دائما سنجد ما نجهله تماما فى حياتنا. لكن لن يعود هذا الشعور ليكون مدمرا بل قوة دفع للمعرفه. معرفه مما نخاف من الخوف

الجمعة، ديسمبر 22، 2006

شكــــــ جزيلاُ ــــراً

فى وقت بيجى على الإنسان بيستعرض فيه كل حاجه مرت عليه فى حياته كأنه شريط سينما. وبيمر عليه فى الشريط ده كل واحد قابله فى حياته، وبيفتكر اللى عملهوله.
قابلت ناس كتير جدا فى حياتى، ناس وقفت جنبى وساعدتنى بقصد او بدون قصد. ناس جرحتنى بقصد او بدون قصد. ناس حبونى لشخصى وناس حبتنى لمصالح شخصية. ناس ضحكتينى من قلبى وناس ضحكت على دموعى . ناس افتختر بمعرفتها وناس اتمنى ما اقبلهاش تانى فى حياتى ولو صدفة. ناس علمتنى بطريقة مباشرة او بطريقة غير مباشرة. ناس اتعلمت منى بطريقة مباشرة وغير مباشرة. ناس حبتهم من كل قلبى والظروف فرقت بينا. وناس حكم عليا الزمن بقربهم ليا ولو غصب عنى. ناس عروفنى المعنى فى القرآة وفتحولى مكتباتهم حباً فيا، وناس حاولت جاهدة وفشلت انها تدينى مكيفات برضه حباً ليا. ناس شمتو فيا فى اوقات المحن اللى عديت بيها. وناس فتحولى ابواب قلوبهم استخبى فيها من الطوفان. ناس مهما اتكلمت فى حقهم ما هوفى حقهم، وناس مجرد ذكر أسمائهم فى ذهنى درجه كبيرة ما يحلموش بيها.
كل الناس دى ليها الفضل بعد ربنا سبحانه وتعالى فى إنى اكون زى ما أنا دلوقتى، الوحش اللى فيهم قبل الحلو.
وعلى رأى الابنودى من الطين بيطلع الفل والياسمين.
الى كل هؤلاء اهديكم كل الورد واشكركم شكراً جزيلاً

الجمعة، ديسمبر 15، 2006

مانوع يستاذ




مرة كنت فى وسط البلد ، وكان فى وجود مكثف من الأمن المركزى الله أعلم ليه، وانا فى العربية وكنا داخلين شارع فرعى، لقينا عسكرى بيقولنا " مانوع يستاذ " اللى هى ممنوع يا أستاذ. قولناله طيب لو عايزين ندخل الشارع ده ندخله منين ؟ قالنا مانوع يستاذ. قولناله طيب فى طريق تانى للشارع قال مانوع يستاذ وكأنها الكلمة الوحيدة فى قاموسه. قولت هيا جت عليك، إشمعنى انت اللى مش هتقول ممنوع ،لقيت فعلا ان الجملة دى مستخدمة كتير جدا فى قاموس ناس كتير وعلى مستويات كتير:-
مانوع يستاذ نتكلم فى الجنس، أياً كانت الطريقه والهدف من الكلام ده والنتيجة " إيناس الدغيدى "
مانوع يستاذ ننتقد رؤسأنا بشكل مباشر وأياً كان رئيس آيه والنتيجة " العيش كبير والعيشة حلوة وربنا يخلى سيادة الرئيس "
مانوع يستاذ تحلم بمستقبل افضل بعد ما تتخرج، لإن اللى اتعلمته حاجه والشغل حاجه تانية والنتيجة " مندوب مبيعات "
مانوع يستاذ نختلف فى رآئى فى الدين، لإن اسهل حاجه تتقال انك جاهل او كافر والنتيجة " اتصل على 19××× وتجيلك الفتوى هوا انت لسه هتتعب وتدور"
مانوع يستاذ نجتمع نناقش موضوع علشان نوصل لحل، لإن إتفقنا أللا نتفق والنتيجة " كل واحد ينام على الجنب اللى يريحه"
مانوع يستاذ يكون ليك صداقات مع الجنس الآخر، لإن محدش فاهم يعنى آيه صداقة والنتيجة " جواز عرفى "
مانوع يستاذ تتشرى كتاب، لإنك ليه تفكر أكتر مع انك ممكن تفكر أقل والنتيجة " اللمبى "
مانوع يستاذ تتجوز اللى بتحبها، لإن المجتمع فرض ان الحب مشاعر ما تأكلش عيش والجواز قسمة ونصيب والنتيجة " مجتمع مزيف "
مانوع يستاذ تقول صوتك فى الإنتخابات، لإن كدة كدة الحكومة بتعمل اللى على مزاجها والنتيجة " مات الرئيس عاش ابن الرئيس "
مانوع يستاذ مانوع يستاذ مانوع يستاذ والى مش مانوع يستاذ هوا انك تسمع دائما مانوع يستاذ

الجمعة، ديسمبر 08، 2006

بين المطرقة والسندان




كثيرا ما يواجه الإنسان اوقات تحاط أحلامه بين المطرقة والسندان، بين ظروفة التى لم يختار منها شئ، وبين إمكانياته التى استطاع ينميها بقدرة الله عز وجل اولا واخيرا وبإمكانياته التى صنعها لنفسه.
كثيرا ممن شاءت أقدارهم ان يصلو لهذه النقطة خسروا الكثير من احلامهم بسبب ظروفهم، ومنهم من استطاع ان يأقلم إمكانيته لمواكبة الظروف التى يمر بها. لكن السؤال الأهم لماذا ؟
فى كثير من الدول العربية يواجه الشباب تلك المرحلة بشتى طرقاتها ومحتواياتها.
فى مصر وكثير من الدول العربية يواجه الشباب التجنيد الإجبارى بعد إنتهاء الدراسة وكأن فترة التجنيد هى عقاب على إنتهاء الدراسة.
فى العراق وفلسطين يواجه الشباب ظروف سياسية لم يختار منها شئ، فمن الممكن ان يستيقظ الشاب متوجهة الى عمله ليجده اصبح مدمر بالكامل او يتم إعتقاله بتهمة لا يعرف عنها شئ.
فى لبنان أحزاب سياسية تتصارع من اجل إثبات القوة المطلقة والخاسر الوحيد هو الشباب.
فى دول الخليج تتحكم العادات والتقاليد مقاليد الحكم والإدارة، فالعمل ليس مكفول للأكفاء فقط بل تدخل طرقات اخرى ليس لشباب بها سبيل فى تطوير نفسه من خلالها.
دول المغرب العربى وتونس والجزائر مشكلة الهوية بين العرب والغرب، مشكلة تصارع الثقافات وقتال الحضارات الدائر من تحت السطح يدمر الكثير من احلام الشباب.
الكثير والكثير من المطرقات والسندان فى الوطن العربى، ودائما يلقى الكاهل على الشباب وان الحكومات ليست المتسبب الوحيد فى كل هذه المشاكل وان على الشباب المشاركة فى حلها.
ويأتى الشباب بالأفكار وبالجمعيات الأهلية الغير حكومية لتجد مطرقة الحكومات وسندان الإمكانيات لكى يتم إبطال مفعولها الحقيقى وهى القدرة على توجيه الشباب الى طرق افضل.
مملة هى الحياة التى لا تنتهى ابدا من كونها بين المطرقة والسندان.

الجمعة، ديسمبر 01، 2006

بعد منتصف الليل




ناس كتير بتصحى من النوم من بعد الفجر لحد الساعه8 او 9 صباحاً، يا إما راحين شغلهم او مدراسهم او الجامعات .. الخ
اللى بيحصى بعد التوقيت ده بيكون رايح شغله اللى فى الغالب شغل فى شركات قطاع خاص وهكذا.. لكن اللى بيصحى من النوم الساعه 1 صباحا دا اكيد عايش فى النص التانى من الكرة الارضية، ابو السعود واحد من الناس اللى عايش فى النصف الآخر من العالم، العالم اللى كنت بسمع عنه لكن عمرى ماشوفته ولا قربت منه.
ابو السعود بيشتغل بمنطق اللى فى المهنة موسيقى، وبمنطق اللى برة المهنة عازف، وبمنطق الكار ( اصحاب المهنة الواحدة ) لاعيب توره.
بشتغل فى ملهى ليلى عازف إيقاع، قابلته على ملتقى الفنانين ( قهوة فى وسط المدينة ) بيقعد عليها اهل الكار كل واحد فى انتظار دورة فى الرحيل الى شغله. لقيت ناس اول مرة اشوفهم وبسمع كلام اول مرة اسمعه وحسيت بأحاسيس اول مرة احس بيها. كأنى فجأة إنتقلت الى النص الآخر من العالم فى غمضة عين.
طبعا ماكنتش لوحدى وكان معايا واحد يعرف ابو السعود وعلى صلة بالعالم الآخر، رحب بيا ابو السعود ترحاب كبير كأنه يعرفنى من زمان ولاحظ انى مش بشاركهم الحديث، بصراحه نص كلامهم مش فاهمه فقالى انت فى حد مزعلك فى البيت ؟! إستغربت قوى من السؤال وخصوصا ان اللى قاعدين معانا ضحكو من السؤال، فقولت له لأ، قالى طيب ما تعمل تحليل!! قولت له تحليل آيه؟ قالى تحليل دموع وضم حواجب. فعرفت انهم هيستلمونى تسلية القعدة لإنى الوحيد اللى مش فاهم اى حاجه من المصطلحات ولا طريقة التعبير عن اى حاجه، حتى صحبى عرفنى ليهم فى جملة غريبة جدا( السرين داين فى الدهشان ) كل الناس فهمت إللا انا.
لاحظت ان فى بنات دخلت على القهوة وان الساعه عدت 3 صباحا فسألت ابو السعود عنهم فقالى دول لسه جايين منتظرين ميعاد شغلهم.
ولما سألت ابو السعود على طريقة حياته قالى بالتفصيل على البرنامج اليومي للعايشين فى النص التانى من العالم:
بيصحى من النوم 1 صباحا وينزل من البيت على 1:30 او 2 بالكتير
يلف بعربيته ياخد باقى افراد الطاقم ويطلع على القهوة على 3:30
يصطبح مع الفرقه ويشوف ميعاد شغله الساعه كام اللى فى الغالب 5 صباحا
يشتغل ساعتين تلاته ويطلع يجيب التموين على الساعه 7 صباحا
يلف يشوف أخبار باقى الزملاء لحد 10 او 12 الظهر
لو فى بروفات للفرقه بيعملوها من 1 لحد 3 او 4 عصرا
وبعد كده يروح علشان يلحق يصحى 1 صباحا
حيست انى بتفرج على اليس فى بلاد العجائب، كل حاجه غريبة وجديدة حتى المكيفات هناك شئ عادى جدا كأنها مياة معدنية على كل ترابيزة.
ابو السعود لما لاقنى خارج نطاق الخدمة قرر يساعدنى فى فهم اللوغرتمات اللى شايفها.
قالى ان القهوة دى المكان اللى بيتجمع فيه ( الفنانين ) قبل ما يروحو شغلهم اللى بيدأ فى الغالب بعد 2 صباحاً فى الملاهى الليله. وان فيهم الطبال والأتى وعازف الاورج والمطربين والراقصات حتى اللى بيشيلو العدة بتلاقيهم على القهوة دى.
كل الناس بتضحك بشكل متواصل وكأنهم اسعد ناس فى الأرض، لما سألت مسعد علي الموضوع ده قالى اللى انت شايفهم دول اكتر ناس مش طايقه نفسها فى الدنيا، ومحدش فى الشغلانه دى راضى عن اللى بيعمله ونصهم بينكر شغلته دى قدام اهله واصحابه. بس مالهمش باب رزق تانى غير ده.
وقالى ان الكار بتاعهم دخلت فى مشكلة العمالة القادمة من الخارج، وقالى كل محافظات مصر ودول تانية جنب مصر ناس منها جم مصر يشتغلو فى المهنة دى على اساس انها اسرع طريقة تجيب بيها فلوس فى البلد. وقالى ان شغلته الاساسية لحام لكن طبعا مافيش وجه مقارنه بين ربحه من شغلته كعازف وبين انه لحام.
شوية ودخل واحد لابس جلبية وشنبه واخد نص وشه، ابو السعود قالى ده صاحب القهوة، كان طباخ لحد من الناس الكبار فى البلد زمان. وقالى ان العمارة اللى فيها القهوة بتاعته وقالى تعالى اوريك حاجه غريبه. خرجنا بره القهوة وورانى عربية موديل 2006 شكلها جامد جدا قالى انها عربية صاحب القهوة كل سنة بيجدد عربيته وما بيركبهاش، مجرد انه عنده عربيه وخلاص، وقالى انه معين واحد ياخد باله من العربية ويغسلها كل يوم وما يخليش حد يجي جنبها.
دنيا تانية وناس تانية عايشين معانا واللى نعرفه عنهم مجرد نظرات استنكار واستحقار لأسلوب حياتهم، بس مهما الناس بصو لهم هيفضلو عايشين ولو فى النص التانى من العالم بعد منتصف الليل.